الطاعة تُنوِّر القلب، وتجلوه وتصقُله، وتقوّيه وتثبته، حتّى يصير كالمرآة المجلوّة في جلائها وصفائها ويمتلئ نورًا؛ فإذا دنا الشيطان منه أصابه من نوره ما يصيب مُسْتَرِقي السَّمْع من الشهب الثواقب. فالشيطان يفرَق من هذا القلب أشدَّ من فرَقِ الذئب من الأسد.
كان النبي ﷺ يقول عند رؤية الهلال: "اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله".
قال الإمام صالح الفوزان حفظه الله: الواجب على المسلمين أن يستغلوا هذا الشهر ويستقبلوه بالبشر والترحيب؛ لأجل ما فيه من الخير من مضاعفة الحسنات وتكفير السيئات، هكذا ينبغي أن يُستقبل رمضان، وأن تُشغل لياليه وأوقاته بعمل الطاعات، فقد لا يعود على الإنسان مرةً ثانية. فالواجب على المسلمين أن يتنبهوا لخير هذا الشهر وبركاته ويعظموه لأنه من شعائر الله.
لا تظن أنّ قوله تعالى: "إن الأبرار لفي نعيم* وإن الفجار لفي جحيم" مختص بيوم المعاد فقط، بل هؤلاء في نعيم في دورهم الثلاثة، وهؤلاء في جحيم في دورهم الثلاثة.
الطاعة تُنوِّر القلب، وتجلوه وتصقُله، وتقوّيه وتثبته، حتّى يصير كالمرآة المجلوّة في جلائها وصفائها ويمتلئ نورًا؛ فإذا دنا الشيطان منه أصابه من نوره ما يصيب مُسْتَرِقي السَّمْع من الشهب الثواقب، فالشيطان يفرَق من هذا القلب أشدَّ من فرَقِ الذئب من الأسد.
والله سبحانه يجزي العبد على عمله بما هو من جنس عمله، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فإذا غضّ بصره عن محارم الله عوّضه الله بأن يُطلق نورَ بصيرته عوضا عن حبسه بصره لله، ويفتح عليه باب العلم والإيمان والمعرفة والفراسة.
العشق المحرّم: وفي العشق من ظلم كل واحد من العاشق والمعشوق لصاحبه بمعاونته على الفاحشة وظلمِه لنفسه. فكلّ منهما ظالم لنفسه وصاحبه، وظلمهما متعدٍّ إلى الغير.
من لم يحفظ فرجه لم يكن من المفلحين، وأنّه من الملومين، ومن العادين. ففاته الفلاح، واستحقّ اسم العدوان، ووقع في اللوم. فمقاساة ألم الشهوة ومعاناتُها أيسر من بعض ذلك.
يبدأ الواحد منَّا أعماله ومساعيه بحماسٍ وعزمٍ عظيمين، يَبذل جهدَه وجهدًا مضاعفًا وربّما يبلغ في وقتٍ قصيرٍ أكثرَ ممّا طَمح له، ثمّ ما يلبثُ أن يصيبه الفتور أو العُجْب أو التّعب _وهذه حال ابن آدم في معظم أحواله_ فيخْفُت نور تقدُّمه ويركَن إلى حيث وصل وهو يظن أن الموكب سينتظره دون خَطْوٍ؛ ليأخذ أقساط الراحة هذه ويلحق به، مُتوهّمًا أن نفسه ترتاح وتستكين ريثما أعاد لها حماستها الأولى وانطلق من جديدٍ، لكن الإنسان ابن أغيارٍ وابن أحداثٍ فلا يكون ثابتًا على حالٍ ولا شأنٍ، ومن هنا كان حرِيًّا بنا أن نُراقب سيرنا، وكلّ ما لا نتقدم به نحن في تأخر عنه. ومن نظر في أبسط أموره التي لم يزد فيها شيئًا؛ لوجد حتمًا أنه قد تراجع.. فكيف _بالله عليك_ بالإيمان الذي يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، أتَراه ثابتًا على حاله وأنت لم تضف عليه أيّة طاعة؟! ثمّ لهذه الفلسفة المنطقية وجهٌ آخرٌ، فلو أنّ شخصًا بلغ ذروة ما يمكن بلوغه، ماذا عساه بالغٌ بعدها؟! ابن الأغيار يتغير معها.. إذًا لا بدّ أن يقع، أو على الأقل ينحدر من قِمّته، اللهم إلا طريقًا لا قمة فيه، كالذي نُخبر عنه _دون أن نعيه_ في لفظ "إلا أحد قال مثل ما قال، أو زاد عليه"، والثبات على الحال _ليس كالثبات على الحالة_ لا يُدركه البشر، وهذه سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلًا. وقد أفلحَ من راقبَ أين يَحطّ سعيه.