في هذا الحَديثِ يَقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضيَ اللهُ عنهما: لا تُوكِي، والإيكاءُ: شَدُّ رأسِ الوِعاءِ بالوِكاءِ، وهو الرِّباطُ الَّذي يُربَطُ به، والمعنى: لا تدَّخِري وتمنَعي مالَكِ عن الصَّدقةِ خَشيةَ نَفادِه، فتَنقطِعَ عنكِ مادَّةُ الرِّزقِ، وسببُ هذا ما جاءِ في الصَّحيحَينِ أنَّ أسماءَ رَضيَ اللهُ عنها سألَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الصدَقةِ، وقالتْ له: يا رسولَ الله، ما لي إلَّا ما أدْخَلَ علَيَّ الزُّبَيرُ، أفَأتَصَدَّقُ؟ قال: «تَصَدَّقي، ولا تُوعِي فيُوعَى علَيكِ»، وفي روايةٍ متفَقٍ عليها، قال لها: «لا تُحصِي»، والإحصاءُ مَعرفةُ قدْرِ الشَّيء وزنًا أو عددًا، والمعنى: لا تُحصي ما تُعطي فتَستكثريه، فيكونَ سَببًا لانقطاعِه. وهذا يدُلُّ على أنَّ الصدَقةَ تُنمي المالَ، وتكونُ سَببًا إلى البَرَكةِ والزِّيادةِ فيه، وأنَّ مَن شَحَّ ولم يَتصدَّقْ، فإنَّ اللهَ يُوكي عليه، ويَمنَعُه البَرَكةَ في مالِه والنَّماءَ فيه. وفي الحديثِ: أنَّ البُخلَ بالصَّدقةِ -لا سيَّما الواجبةِ- يُؤدِّي إلى إتلافِ المالِ، زأنَّ السَّخاءَ يَفتَحُ أبوابَ الرِّزقِ.