وهكذا رأينا كيف أننا في مناهجنا الدراسية، وعلى شاشات التلفزيون، وفي غيره من وسائل الإعلام، نرى أعلاماً أخرى تقدم للأمة، ويتحدثون عنها كثيراً في المساجد، في المعاهد، في المراكز، في الجامعات، وفي كل مكان. هذه الأعلام عند من يفهم واقع الأمة الآن: أن أمريكا، أن اليهود والنصارى يتحكمون تقريباً في كل شيء، في الجوانب الإعلامية، الثقافية، التربوية، الاقتصادية، السياسية، في الدول كلها يتحكمون فيها، ويتدخلون في كل صغيرة وكبيرة.
هم يعرفون أن تلك الأعلام لا تصنع شيئاً؛ لأنه لو جسم في نفسك على أكبر ما يمكن لما كان باستطاعته أن يحركك، ليس فيه ما يحركك، إنما هي - كما يقال : [نمور من ورق] فلنضع للشباب ولنضع للأجيال نموراً من ورق، أعلاماً وهمية لا تقدم ولا تؤخر، ولو تكرر اسمها آلاف السنين لن تعمل شيئاً في النفوس؛ لأنك عندما تحاول أن تستيقظ وترجع إلى ذلك العلم لتستلهم منه شيئاً تجده فارغاً لا يمكن أن يكون فيه ما يدفعك.
لكن أعلاماً كالإمام علي (عليه السلام) كالحسن، والحسين، والزهراء، كزيد، والهادي، والقاسم، وغيرهم ممن هم على هذا النحو، هم الخطيرون في واقع الحياة، هم من لو التفت الإنسان، أو التفتت الأمة لتستلهم منهم شيئاً سترى ما يشدها، ترى ما يرفع معنوياتها، ترى المواقف المتعددة، ترى التضحية، ترى الاستبسال، ترى الشعور بعظمة الإسلام، ترى الاستهانة بالأنفس والأموال والأولاد في سبيل الإسلام.
لهذا هل نجد علياً (عليه السلام) أو نجد الحديث عن أهل البيت في مدارسنا أو مراكزنا أو جامعاتنا؟ لا يوجد، وإذا ما وجد كان شيئاً بسيطاً، وإذا ما جاء حديث عن الإمام علي فكبر نوعاً ما، يمسخ ذلك التكبير بأن يقال هو على الرغم مما هو عليه ها هو يبايع أبا بكر، وهو إنما كان جندياً من جنود أبي بكر، يكبرونه قليلاً ثم يجعلونـه بكلـه وسيلـة من وسائـل تكبير أبي بكر، فيشدونك أكثر إلى أبي بكر، فيما إذا تحدثوا قليلاً عن علي فهو وسيلة لشدك أكثر إلى أبي بكر، أما أن يقدموا علياً عليه السلام علماً وحده بعد الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) فهذا ما لا يمكن، يشكل خطورة بالغة.
متى رأينا في وسائل إعلامنا حديثاً عن الإمام الهادي وعن أثره في اليمن؟ متى سمعنا برامج تتحدث عن أخباره وسيرته الحميدة وما عمله من أعمال عظيمة في اليمن وفي أوساط اليمنيين وفي هدايتهم؟ وهم من كان القرامطة قد عبثوا بأفكارهم، والباطنية، وبقايا كثيرة من اليهود كانت لا تزال في مختلف مناطق اليمن؟ لا حديث عنه إلا بما يسيئ، لا حديث عنه إلا بتعسف بما يقدمه ناقصاً.