تبرّأ هنا في الدنيا من الكبار المجرمين قبل أن يتبرَّؤوا منك في الآخرة، العن المضلين وإن كان بينك وبينهم آلاف السنين، الذين هم سبب لإضلالك وإضلال الأمة التي أنت تعيش فيها، تبرأ منهم، العنهم، أظهرْ مباينتك لهم، لكل أولئك الأطراف، لكل تلك الأطراف التي قد تتبرأ منها، أو تلعنها، أو تتندم على علاقتك بها، وتتحسر يوم القيامة، هنا في الدنيا حيث سينفعك، أما في الآخرة فلن ينفعك.
ولأنه عادة يأتي التذكير بآيات الله في مقامات عملية، والأعمال - عادة - تكون شاقة على كثير من الكبار من الوجهاء وأصحاب المكانة الاجتماعية؛ لأنه ينظر إلى وضعيته وضعية محترمة لا يريد أن يخرج منها؛ ولهذا تجد في القرآن الكريم الكثير من أخبار من كانوا يعارضون الأنبياء معارضة شديدة هم الملأ الذين استكبروا من قومه، {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ}{قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ} {قَالَ الْمَلأُ} يَرِدُ كثيراً في (سورة الأنبياء) وغيرها. ومن كانوا ينطلقون أنصاراً لدين الله وفي أول المستجيبين لدعوة الرسل والمجاهدين بين أيدي الرسل مَن هم؟ كانوا هم المستضعفين، المواطنين البسطاء، الناس العوام، هم من كانوا ينطلقون ويستجيبون.
الصغار تكون عادة نفوسهم طاهرة أكثر من الكبار، صغار الناس - إن صح التعبير - أيْ عوام الناس، وهذه هي كانت نظرة الإمام علي (عليه السلام) كان يقول: (وإنما قَوَام الدِّين العامّة من الناس) كان يقول لـ (مالك الأشتر) - وانظروها في عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر في (نهج البلاغة) -: (فليكن صِغْوُكَ إليهم، وليكن.. كذا) يوجهه لأن يهتم بالعامة من الناس، لا تشغل نفسك بأولئك الكبار.
الشهيد القائد