صدقني يا صديقي انا لا أعرف أين أذهب في هذا العالم الواسع حين تحشرني الايام السوداء في زاوية لا تتعدى موضع قدمي المرتجفتين.. انا لا أعرف الى اين اتجه، فلا مخارج طوارئ للحرائق التي يفتعلها الأخرين فينا ولا يافطات في دروبنا تُشير إلى وجهة النجاة، انا لا أرى النفق كله لأتمكن من رؤية الضوء الذي فيه.
صدقني يا صديقي هذه الحياة نقطةٌ سوداء عملاقة، لا بياض فيها، وقلوب من نحبهم، ثقوبٌ سوداء تبتلع كل محاولاتنا للفرح.
أنا ياصديقي متعبٌ، بثقلِ أيامي، بخفتي، بالعابرين مني والعابر منهم، بلجؤي، بالمدن التي احملها في حقيبة سفري. بحقيبة سفري. تلك التي افتحها في الفنادق والارصفة والمحطات، فتسيل منها الدماء والذكريات بدلاً من الثياب. بالاشخاص العالقة اسمائهم في حنجرتي. بالأيادي المعلقة في تلافيت ذاكرتي، ولا تكف عن التلويح. ببنات أوى اللوات يزعقن في مواخير رأسي طوال الليل. بجمجمتي الضيقة والمكتظة بطوابير الأصوات. بكلمة أستودعك الله، وكل ماتحمله في جوفها من تَبعات.
متعبٌ من كوني انا.. من التفاصيل الصغيرة التي تتفرع منها ألاف التفاصيل، مُتعبٌ ومرهقٌ مثل سكة حديدٍ، مثل طريقٍ سريعٍ، مثل بلادٍ تكدست على صدرها الكوابيس. انا متعبٌ وأريد الوصول إلى تلك، النقطة التي تفصل بين عالمين، النقطة التي اا أشعرُ بعدها بألم. أريد الوصول للضفة الأُخرى. (للقوس الثاني الذي نغلقُ به عين الحياة ) وننام أمنين. أو كتفاً قوياً ياصديقي أرمي عليهِ ثقل رأسي. وأبكي.. أبكي، وكأني لم أذرف دمعاً مالحاً من قبل.