View in Telegram
سلسلة تحصيل الغاية بين الرِّواية والدِّراية (٣).
*الرِّوَايَةُ الجَزَرِيَّةُ عَلَى التَّحرِيرَاتِ الحِرْزِيَّةِ*
شرح إتحافِ البَرِيَّة بتَحرِيرَاتِ الشَّاطِبيَّة
نظم العلامة حسن بن خَلَف الحُسَينِي (ت ١٣٤٢هـ - ١٩٢٤م)
*وهو شرحٌ مجدولٌ ومقسَّمٌ على حسب الروايات والقراءات؛ ومعه تحقيقاتٌ لكثير من المسائل الأخرى.*
*الحمد ُلله وحده، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ لا نبيَّ بعده، أما بعد:*
*أعلم أن سبب التسمية الرِّوَايَةُ الجَزَرِيَّةُ:* ما يحدث من اضطراب في ضبط المسائل الخلافية من حيث التحرير بين أهل الفن والتباس الأمر على الطلاب!
ثم اعلم أن مرد هذا العلم إلى إمام الفن وعمدة المحققين العلامة *ابن الجزري* .
وقد وقع الكثير في شبهة أن التحريرات إنما هي بدعة واختراع المصنفين في علم التحريرات!
وهذا اللبس تسبب فيه بعض المشتغلين بعلم القراءات فينكرون تارة وينتقصون تارة ويتهكمون تارة على أصحاب مؤلفات التحريرات فينسبون إليهم النقص ويلفقون إليهم الخطأ!
ولم يجرؤ أحد منهم على التعرض للإمام *ابن الجزري* صراحة!
مع أن المصنفين في علم التحريرات إنما نقلوا تحقيقات الإمام *ابن الجزري* على المسائل وذلك على العهد الذي ذكره الإمام الشاطبي في قوله:
*- وَإِنْ كانَ خَرْقُ فَادَّرِكْهُ بِفَضْلَةٍ ... مِنَ الْحِلْمِ ولْيُصْلِحْهُ مَنْ جَادَ مِقْوَلَا*
وقد أجاد الإمام *ابن الجزري* وأفاد في ضبط كثير من مسائل الحرز فسلم أهل الفن لتحقيقاته مستدلين بقوة حجته وصفاء درايته وصدق بيانه.
*فابن الجزري* مجدد ومحقق هذا العلم، ورائد نهضة علومها في زمانه ومن بعده، وهو شيخ شيوخ الإقراء وعمدة أهل الأداء، وإليه يرجع سند المقرئين، وصاحب التصانيف التي لم يسبق مثلها، ولم ينسج على منوالها، بلغ الذروة في علوم التجويد وفنون القراءات، حتى صار فيها الإمام الذي لا يدرك، ولا يشق غباره.
فأردت أن أضع مؤلفًا أبين فيه التحريرات تبعًا لما قرأنا به على تحقيق الإمام *ابن الجزري* على حرز الأماني، وجعلت مع كل تحرير قول الإمام فسميته *بالرواية الجزرية* أي رواية *ابن الجزري* في تحقيق وتحرير المسألة.
ــــــــــــــــــ
فانطلاقًا من أهميةِ جانبِ الدِّراية لطلَّابِ علمِ القراءاتِ وخاصةً في هذا العصرِ الذي ضَعُفَتْ فيه الهممُ أيَّمَا ضعفٍ وشُلَّتْ فيه العزائمُ في جانبِ الدِّراية !!
وهو أمرٌ غير مقبولٍ ويُسَوِّغ ضياعَ الرِّواية، إذْ إنَّ لحفظ روايات القرآن العظيم جناحين لابد منهما، وهما ثبوتُ الرِّواية، وإقرارُ الدِّراية الّتي هي مناطُ التّفقّه في هذا المنطوق، بمعرفة القواعدِ الّتي أُسّس عليها، والأصولِ التّي يُرْجَعُ إليها تأصيلًا وتقعيدًا وقياسًا عند الاختلافِ فيها، فإنّ علمَ الدِّراية يُقَوِّمُ الخطأَ، ويُبَيِّنُ الحُجَجَ للقولِ الراجحِ، خاصّة فيما تنازع فيه المتأخّرون.
ولهذا كان شرحُنا على *تحريرات الشاطبية* هو إفهامُ *الطّالب*، وتيسيرُ استيعاب *القارئ*، وإيجادُ مرجعٍ *للمُقرئ* يستند عليه في ضبط كثير من المسائل العلمية المُخْتَلَفِ فيها، فيما يخصّ التحريرات على الشاطبية، فإنّ في الأخذ بالنّص الّذي نقله لنا الأئمةُ، وما دَرَاه الوعاةُ ممن هم على القمّة من علماء المسلمين، وما حفظوه لنا في مصنّفاتهم - عصمةً من الزّلل، وتقويمًا للخطأ، وثباتًا على صراط مستقيم، ولا حولَ لنا ولا قوّة إلّا بالّله العليّ العظيم.
ولذا فلو حفظ الطالب الشاطبية كلها عن ظهر قلب لم يمكنه أن يقرأ بكل ما فيها على ظاهره؛ بل لابد أن يتبع أئمة المحققين في تحريرات المسائل المختلف فيها، ولا سبيل إذن إلى القراءة بظاهر النظم إلا عن طريق تخليص القراءات المختلف فيها من التركيب، وبمعرفة التحريرات يسلم القارئ من الخلط والتلفيق الممتنعين رواية كما سيظهر بعد ذلك عند الكلام على التحريرات".
------------------------
وعليه فقد استعنتُ بالله على عمل مُؤَلَّفٍ يرتكز عليه في تقوية الجانب التحريري ويستعينُ به الطالبُ في الفهم والدِّراية، ولا يعلم قيمته إلا من علا شأنُه في هذا العلم، وذلك تبعا لتحقيقات الإمام العلامة إمام المحققين الإمام ابن الجزري رحمه الله رحمة واسعة وكما تلقيت على مشايخي رحمهم الله تعالى.
------------------------
ثم أني قسَّمتُ كتابي المتواضعَ هذا إلى *ثلاثةِ فصُول رئيسة*، وهي:
- *الفصلُ الأوَّل:* بيَّنتُ فيه عدةَ مسائل هامة لا غنى للطالب عن فهمها، وهي:
١- ذكرت مقدمة هامة في علم التحريرات.
٢- بينت قواعد هامة في ضبط وفهم قواعد التحرير عند العلماء.
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Find friends or serious relationships easily