سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل؟فقال: أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان ، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة. مجموع الفتاوى (٢٨٧/٢٥).
قال ابن القيم رحمه الله معلقاً على كلام شيخه: وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافياً كافياً ، فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة ، وفيها يوم عرفة ، ويوم النحر ، ويوم التروية ، وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء التي كان رسول الله يحييها كلها ، وفيها ليلة خير من ألف شهر ، فمن أجاب بغير هذا التفصيل لم يمكنه أن يدلى بحجة صحيحة.
فضل قضاء حاجة أخيك المسلم ، وتفريج كربته، وستر عورته، وأن الله تعالى يعامل العبد بما يعامل به هذا العبد خلق الله
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه. من كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة، فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة.
"اللَّهُمَّ إنِّي أسأَلُك عِلْمًا نافعًا"، والعِلْمُ النَّافعُ هو ما باشَرَ القلْبَ، فأوجَبَ له السَّكينةَ والخُشوعَ والإخباتَ للهِ تعالى، وإذا لم يُباشِرِ القُلوبَ وكان على اللِّسانِ فقط، فهو حُجَّةٌ على بني آدَمَ وليس بنافِعٍ؛ ولذلك قيَّدَه بالنافِعِ.
"ورِزْقًا طيِّبًا"، أي: حلالًا، وقيد بالطيِّب؛ لأنَّ الرِّزقَ نوعانِ: طيِّبٌ، وهو ما يكونُ مِن مَكسَبٍ حلالٍ، وخبيثٌ، وهو ما يكونُ مِن مَكسَبٍ حرامٍ، واللهُ تعالى لا يقبَلُ إلَّا طيِّبًا، ومِن أعظَمِ الأسبابِ المُوجِبَةِ لإجابةِ الدُّعاءِ طِيبُ المأْكَلِ.
"وعَمَلًا مُتقبَّلًا"، أي: أسأَلُك يا أللهُ أنْ تكونَ أعمالي مِن طاعاتٍ وعِباداتٍ ومُعاملاتٍ مَقبولةً عندَك، واللهُ عزَّ وجلَّ لا يقبَلُ مِن الأعمالِ إلَّا ما كان خالِصًا لوجْهِه سُبحانَه.
وهذا الدُّعاءُ عَظيمُ النَّفعِ، كبيرُ الفائدةِ، وإذا كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يدعو بذلك، وهو مَن قد علَّمَه ربُّه، ورَزَقَه الرِّزقَ الحلالَ الطَّيِّبَ، ولم يُصِبْ خبيثًا قطُّ، وغفَرَ له ذَنْبَه، وتقَبَّلَ عمَلَه؛ فغيرُه أحوجُ إلى الدُّعاءِ بهذه الأُمورِ.
للاستِغْفارِ فضلٌ كبيرٌ، وهو سببٌ لتفريجِ الكُروبِ وذَهابِ الهُمومِ والغُمومِ، وغير ذلك، وفي هذا الحَديثِ بيانٌ لبعضِ فَضائلِ الاستِغفارِ، حيثُ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ بُسْرٍ رضِي اللهُ عنه: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
"طُوبَى لِمَن وجَد في صَحيفتِه" أي: في صَحيفةِ حسَناتِه يومَ القيامةِ، وطُوبى مَعْناها: أنَّ لَهم مَزيدَ نَعيمٍ وفرَحٍ بالجنَّةِ، وقيل: هو اسمٌ للجَنَّةِ، وقيل: هو اسمٌ للشَّجرةِ في الجنَّةِ.
"استِغْفارًا كَثيرًا"، أي: كثُر استغفارُه وملأَ الصَّحيفةَ، والاستِغْفارُ هو طلَبُ المغفرةِ مِن اللهِ، وفيه تضَرُّعٌ إليه واعترافٌ بأنَّه الإلهُ القادِرُ على المغفرةِ ومحْوِ الذُّنوبِ وقَبولِ التَّوبةِ، ومِن عِظَمِ مَنافِعِ الاستِغْفارِ أنَّ المسلِمَ يَجِدُه عِندَ حاجَتِه إليه وفَاقتِه يومَ القيامةِ.
وفي الحديثِ: بيانُ فضْلِ الاستغفارِ وأنَّه ممَّا يَفرَحُ به المؤمنُ في صَحيفتِه.
وفيه: الحَثُّ على كَثرةِ الاستِغفارِ والرُّجوعِ إلى اللهِ تعالى.
فضل الإحسان إلى الحيوان، وأنه سبب لمغفرة الذنوب ودخول الجنة
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ : بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئرا فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له، قالوا: يا رسول الله، إن لنا في البهائم أجرا؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر.
تفضل الله به عز وجل على خلقه من تضعيف الحسنات، وتقليل السيئات.
عن ابن عباس رضي الله عنه، عن رسول الله ﷺ فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى قال: إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله تبارك وتعالى عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عشر حسنات إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة،وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة .