#من_التاريخ_الإسلامي في صيف عام 1462م ، كان السلطان "محمد الفاتح" يقود جيشه إلى مدينة (ترغوفيشت) عاصمة رومانيا ، لأن حاكمها آنذاك "فلاد الثالث" إمتنع عن دفع الجزية للمسلمين.
كان جيش العثمانيين يزيد بثلاثة أضعاف عن جيش "فلاد الثالث" ، فأتبع "فلاد" السياسة التي يتبعها أمثاله عند الضعف ، وهي سياسة الأرض المحروقة وحـ ـرب العصــ ـابات ، فكان يحـ ـرق المدن والقرى الواقعة على طريق العثمانيين لكي لا يتقووا بمواردها ، ويغير عليهم كرّاً وفرّاً ليبطئ زحفهم.
عندما وصل السلطان "الفاتح" إلى (ترغوفيشت) ، وجد الأبواب مفتوحة والمدينة مهجورة من أهلها ولا أثر لجيش الرومانيين ، لكنه رأى غابة من الخوازيق ، وعلى كل منها قتـ ـيل له يوم أو يومان.
كان الكثير من الضحايا أتراكاً ، تجاراً وأسرى سابقين لدى "فلاد" ، لكن العدد كان 30 ألفاً من الناس على الأعواد ..!! ، فمن أين أتى حاكم رومانيا بهذا الكم من الأتراك في بلده؟!.
رجع السلطان "محمد الفاتح" بالجيش ولم يدخل العاصمة (ترغوفيشت) ، فقد أدرك السلطان أن معظم القتـ ـلى يستحيل أن يكونوا أتراكا ً، فلم يكن في رومانيا كلها 30 ألف منهم أو ما يقرب من هذا العدد ، ولترهيب السلطان لا بد أن "فلاد" قد قتـ ــل أناساً من شعبه ، مساجين ومساكين لا أهل لهم ، وأن رجلاً بهذه القسوة والوحشية لا يمكن أن يتحمله شعبه طويلاً ، وأن الأفضل للسلطان بدلاً من أن يقيم في أرض محروقة ويتكفل بخلع ذلك الطاغية ، أن يعود أدراجه ويترك المهمة لأهل البلد.
عاد السلطان وأرسل إلى من تبقى من نبلاء رومانيا ، فقام هؤلاء النبلاء وخلعوا "فلاد الثالث" وأجبروه على الهرب لحليفه ملك المجر "ماتياس الغراب" ، فحبسه "الغراب" عنده اثنتي عشرة سنة يرهب به أعداءه ، ثم حين حاول أن يعيده لرومانيا ليحكم ، لم يصمد أكثر من شهرين قبل أن يقتـ ـله أهلها ويرسلوا رأسه إلى السلطان "محمد الفاتح".
إن "محمد الفاتح" وإن كان قد أصيب بالاشمئزاز حين رأى غابة من الأعواد فيها ألوف من الناس ، إلا أنه لابد قد شعر بشيء من الإطمئنان ، فقد علم حينها أنه إنتصر ، وما مر عام إلا وكان "فلاد" مطاح به ، فقد أصبح عبء حتى على حليفه "الغراب" الذي يستخدمه فزاعة للزوار.
فإذا رأيت من يقصـ ـف العزل ويقـ تل الأسـ رى ويحـ رق الدور ويدمـ ـر الموارد ، ثم يدعي بذلك أنه يحمي بلده ، فأعلم أنه يعرضه لخطر الغـ ـزو الوشيك ... ولكن الطغاة قليلاً ما يتعلمون.