الآن وفى لحظة استرخاء ثمينة أعود بذاكرتي بعيدًا على أعتاب الماضي وأتذكر ما كان من ذكرى في الطفولة وأبتسم، محظوظون هم من كانوا في الأجيال الماضية أخذوا نصيبًا لا بأس به من أصالة الماضي.
عدتُ وتذكرتُ طفولتي كنا نعود من المدرسة لنؤدي ما علينا بسرعة ونتسابق نحو قناة شباب المستقبل التي قد زرعت فينا الكثير من الأخلاقيات التي وللأسف الشديد اندثرت، تعلمتُ الوفاء بالعهد مع عهد الأصدقاء، والحفاظ على العائلة مع أنا وأخي، ومع أبطال الكرة تعززت الروح الرياضية لدي، ازدهرت عربيتي الفصحى بينما يلهو الكثير بعيدًا عن تلك التي قليلٌ إن قيل عنها مؤسسة متكاملة بدايةً من غرس القيم والأخلاق إلى الترفيه والترويح عن النفس.
لن أنسَ عندما كنا نجتمع أنا وأقاربي ونلعب ونضحك وتحكي لنا جدتنا القصص، ويقول لنا جدي عن الرسائل التي كان يكتبها لجدتي قديمًا، آهٍ ما أجمل ذلك.!
أتذكر عندما كنت أساعد جدتي في رعي الأغنام وأنفرد بالقطيع في الهضاب حيث الأشجار، وأعبر شاهقات الجبال، حتى أنني كنت أجد نفسي في مكان لا أجد طريق العودة منه، ثم فجأةً يأتي الفرج، وأذكر مرةً بأنني سقطت من منحدر خطير في الهضبة إلى الأسفل ولم أصاب بشيء؛ وهنا عرفت بأن اللّه خير حافظًا.!
حقًا عشنا طفولة تزخ بالبراءة والنقاء في أركانها، زوايا حارتنا تبعث الطمأنينة، وصوت أقدامنا الصغيرة التي ترن خطواتها، ونحن نجري خلف بائع الحلوى، لنشتري منه حلوانا المُفضلة التي تغير مذاقها وحلاوتها مع مرور الزمن.
كانت أيام عنوانها الود، والألفة، والصدق، والتعاون، أيام الجار للجار، والصديق وقت الضيق، ويد الله مع الجماعة.
كان فرح الواحد منا هو فرح الجميع، وحزنه حزن الجميع أيضًا، كانت القلوب تجبر وتُصَان، والعشرة تحترم وتُقدَّر، وحتى بعد انتهاء العلاقة يطبق قوله تعالى: (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)
كان زمن تعتز المرأة فيه بحشمتها وحجابها، ويعرف الرجل الأصيل بمروءته وشهامته.
في ذلك الزمن عاصرنا قضايا مجتمعية قلّ من عاصرها من بعدنا، نادينا بتحرير فلسطين والأقصى الحبيب في ظل عمر لم يتجاوز العاشرة منددين بما فعله احتلال غاشم في منطقتنا الحبيبة، ثُرنا من أعماق قلوبنا عند سماعنا انتهاك حرمة فلسطين ودماء من شاركونا عروبة تسري في شراييننا، انتفضنا حتى ولو لم نكن نعلم تمام العلم ما قد يعنيه الانتفاض، استشعرنا في وقت سابق معاني كثيرة، أن تذوق طعم الظلم ومرارة علقم سلب الأوطان.!
اشتقت لتلك الأيام التي تجمعنا على بوابة مدرستنا لنتزاحم من سيسبق أولًا، أما تزاحمنا لمقصف المدرسة كان وكأننا عصافير جائعة تزاحم بعضها لتلتقط طعامها نأخذ رغيف خبز بيد وأخرى نلعب بها بتلك الحجارة، لم نكن نخشى الجراثيم ولا الأمراض كان دواءنا قطعة قماش مبلولة على الجبين وبعض الشراب الذي نبكي ونضجر عند شربه ثم ننهج كالعصافير النشيطة في الصباح الباكر.
اشتقت لتلك الأيام حيث لا نفاق ولا بغض كما نرى الآن بين الناس، لا أعلم أتختفي الأخلاق مع مرور الزمن أم ليس للزمان علاقة بذلك؟!
ما استنتجته من هذه الحياة أنه مع مضي الزمان يتغير كل شيء ويصبح باهتًا جدًا، الآن ورغم وجود التكنولوجيا إلا إنني لازلت أبحث عن الدفء، الدفء الحقيقي الذي يكمن في تجمع العائلة مع بعضها البعض، والأقارب، والأصدقاء، وكما يقولون ألا ليت الزمان يعود.
3/12/2022
باسم الدهمشي✨
مها الجوهر✨
زينب عادل✨
زينب شريف✨
نُوَيّر الہحَہمزاوي✨