كل نعمة توجب الشكر لله تعالى، والشكر عبادة واجبة على العبد إذا أدرك النعمة أو لم يدركها ولا تكون فقط باللسان والقلب بل بالعمل أيضا..
أقول: الفتاة التي أكرمها الله بلباسٍ ساتر شرعي لا بد لها من شكر نعمة هداية الله لها بأن تحرص على اجتناب الاختلاط والخضوع بالقول وكثرة الخروج والدخول بغير حاجة. والفتاة التي أكرمها الله بالنقاب لا بد لها أن تتقي الله ولا تفتن من حولها بزينة عيونها، فهذا من التبرج. والفتاة التي أكرمها الكريم بالحجاب الكامل "الخمار" فلتتقِ الله ولا تثير فتنة بنشر صورها أو أجزاءٍ منها، فهي أشد فتنة على الشاب الملتزم.
وبلغنا أن من قرأ سورة الكهف وقي فتنة الدجال وأحب كثرة الصلاة على النبي ﷺ في كل حال، وأنا في يوم الجمعة، وليلتها أشد استحبابا، وأحب قراءة الكهف ليلة الجمعة، ويومها لما جاء فيها.
كثرة متابعة أخبار الآخرين على هذه المنصّات تصيبك بما أسميه (هلع عدم الكفاية)،
أن تشعر أنك لست جيدًا بما يكفي، لم تنجز هذه المنجزات (الباهرة) و(الاستثنائية) مثلهم،
وأقول باهرة واستثنائية لأن هذه حالة غالب المنجزات التي يمكن أن نشاركها هنا؛ فلن تجد أبًا يشارك أنه قد خرج اليوم ساعيًا على أهل بيته وعاد لينفق عليهم مالًا حلالًا، رغم أنه في ميزان الشرع رجل صالح عظيم، وما أنفقه أعظم نفقة، بل أعظم من نفقة الجهاد في سبيل الله، وكذلك المرأة التي صرفت وقتها وجهدها على خدمة أهل بيتها.. وكذلك من صلّى، وصام، وتصدّق وزكّى، وذكر الله خاليًا، وذاكرَ دروسَه، وسلِمَ الناسُ من لسانِه ويده، وغير ذلك من عبادات ظاهرة وباطنة، وطاعات لن نشاركها عادةً كما نشارك شهادات التخرّج والزواج وميلاد الأبناء والترقية والدورات المعتمدة، فهي أمور نفعلها باستمرار كل يوم، وكثير منها لا يُوثّق بالأختام واللوجوهات، ليست برّاقة وزاهية بما يكفي في أعين الفيسبوكيين والانستجراميين.. فإذا كان جُل وقتي وجهدي ومالي يُنفق فيما هو (عاديّ) غير جدير بالمشاركة، فيبدو أني لستُ جيدًا بما يكفي، وأني لم أفعل شيئًا -تقريبًا- في يومي، بل في حياتي!
فإذا وقع في نفسك هذا الخاطرُ فاعلم أنه نزغ من عمل الشيطان، شيطان الجنّ وشيطان السوشال ميديا وهوسها الجنونيّ بالحياة المصوّرة المزخرفة الباهرة الاستثنائية!
لا تستصغروا الطاعات، ولا تحقِروا من أموركم العاديّات، ولا تنخدعوا ببهرَج الشاشات؛ فإنّ رجلًا أزاح غصنَ شوكٍ من طريقه فغُفر له به، ودخل الجنّة!
أدِّ ما عليك، وتخفف من منغصّات قلبك، ومعكّرات صفو يومك، والله أكرم الأكرمين ")
"تأتي المعصية فيرحل معها القرآن الكريم والصلاة وقيام الليل والخوف من الله ثم يلحق بهم الذكر ثم تذهب الطمأنينة، ويأتي عُسر الحال وقلة البركة في الوقت والمال، وإنّ أصعب الحرام أوله ثم يسهُل ثم يُستساغ ثم يُؤلف ثم يحلو ثم يُطبع على القلب ثم يبحث القلب عن حرام آخر وهذه خطوات الشيطان"