إنَّ ربَّنا يصُبُّ علَينا مِن حِكمته فَيُغيثَنا بِ البلاء لِيرفعَ عنَّا أثقَالا كنَّا قد رُمِينا مِنها في حُفرة الألَم.. ويُعطينا فوقَ البلاء نِعَماً كثيرة فلا يُكلِفنا إلّا ما استَطعنا عليهِ صَبراً وقُوة, لٰكِن الإنسان خُلق هَلوعاً.. إذا مسته ضائقةٌ جزِع وإذا عاودَه المُتسع كان مَنوعاً لربِّه غير شَكُور, ينسىٰ الآخرة ولا يرجُو الرحمَة ..
أرى أن كل الأمور التي تحدث حولنا قد تكون قُدرت لـتعلمنا الاستعانة وحُسن التوكل على ﷲ في المقام الأول وكقاعدة اساسية للمُضي في دروب الدنيا ،ولـتُخرجنا من حولنا وقوتنا لحول ﷲ وقوته ،ولتعلِّم المرء كيف يفر من ضيق نفسه وضيق الأرض عليه إلى سعة السماء ، هي دُنيا، تَختَبِر مَن عَلَيها، لتختارَ الآخرة أهلها.
"إذا كان أهل الجنّة يتمنّون الشــهادة ويسألونها وقد حصلوا على ما حصلوا عليه من الفوز العظيم، ووصلوا إلى ما وصلوا إليه من النعيم المقيم؛ فكيف لا يتمناها ويسألها من هو الآن في دار المحن والغرور والأحزان والشرور؟"
«ولأن الفقد في الطريق كثير، والفِراقُ ديدنُ الطريق، وطِّن قلبك دائمًا أن لا يكون أحدٌ أعظم فيه حبًا من الله ورسوله، ووطِّن نفسك دائمًا أن لا تكون نفسٌ أقرب إليك من الله عز وجل، ثم اجعل كل ما يدخل قلبك وكل ما تألفُ نفسك بعدها من هذا الباب، وهذا الباب فحسب.. واملأ يا صاحبي كل المساحات في قلبك بالله ومن الله، حينها يكون ألم الفراق أملٌ باللقاء، ووجع الفقد لا يُسكِنه إلا الصبر والرضا بالله وبأقداره، لأن السائرين على هذا الدرب يعلمون أن الدنيا ليست المنتهى وأن هناك حياة بعد الحياة، فالغاية اللقاء هناك.. والبقاء هناك. وحين تأوي النفس ويسكن القلب إلى الله فكل العاديات من المحن بعدها تهون.. وفي الله عِوضٌ عن كلِّ مفقودٍ وغائِب».
الشهادة في سبيل الله هي قدر أخيار هذه الأمة وقادتها وقدواتها، حيث تمسكوا بطريق البذل وهجروا اللذائذ، وآثروا الباقي على الفاني. وحيث أقامهم الله تعالى حرسا لدينه، وذودا عن أمة نبيه ﷺ، واصطفاهم ليحيوا في سبيل الله ويموتوا فيه.
وسيظل طريق البذل هذا سبيله وهذه نهايته، لا يحيد عنه إلا محروم.
القُدس قضية إسلامية، ومسؤوليّة تَحريرها علىٰ الأمة الإسلامية، ومن حيدَ البعد الإسلامي والعربي عن الصراع أجرم في حقها... إن مهمة الدعاة والأحزاب الإسلامية أن يعيدوا هذا الأمر إلى نصابه، وأن يخلقوا وعيا يشعر فيه كل مسلم أنه مسؤول عنها، وأنه ليس متضامنا في قضيتها، وإنما هو صاحب القضية، ويستشعر كل مسلم المسؤولية الأخروية الملقاة على عاتقه في قضية القدس ..