هناك حكايات كان لا بدّ أن تنتهي هكذا...
بظهر مكسور، وقلب مثقوب، ورأس تزمّله الكوفيّة... وبيد مقطوعة، وأخرى تمسك بعصاها وترمي بها في وجوه الكلاب الغزاة وفي وجوهنا جميعا... لكنّه يظلّ جالسا على عرشه وسط أكوام الخراب! نفس الصّورة الّتي عاش يتحدّاهم، ويتحدّانا بها، اختار أن يرسم بها نهايته!
اختار أن تكون لقطة النّهاية من تأليفه وتصميمه وإخراجه!
الحكايات العظيمة، كان لا بدّ أن تنتهي هكذا.. نهايات عظيمة!
أعدّ الدّيكور وجلس على كرسيّه ينتظر الكاميرا، كان يعرف أنّها لن تتأخّر كثيرا... ستأتي في شكل حوّامة الموت، وسيتّخذ الجمهور مواقعه أمام الشّاشات: صهاينة وأمريكان وعربان.. عربان عُجِنوا من طينة الهوان والخيانة والخذلان..
عربان أصهن من الصّهاينة وأمرك من الأمريكان...
جلس بهدوء ينتظر الجميع... ليرمي في وجوههم نظرة الاحتقار الأخيرة، ونظرة التّحدّي الأخيرة، ويرمي العصا في وجوههم، ووجوهنا... جميعا... ثمّ يصعد إلى علاه... إلى سدرة المنتهى!
أيّ هدوء وأيّة عبقريّة وأيّ روقان!
أيّ مُخرج سنمائيّ أنت يارجل! وكيف لمثلك أن لا يختصّه الرّحمان بأعظم جوائز الأوسكار الإلهيّ! أوسكار الشّهادة!
ماذا تبقّى للّغة أن تقول بعدك يارجل!
لم يبق لنا سوى أن نكسر جميع أقلامنا ونكتب بعصاك وحدها... خاتمة الحكاية، وفصل النّهاية...
إمّا نهايتهم وإمّا نهايتنا جميعا... يارجل!
بأيّ ذنب سنعيش بعدك.. يا رجل!
قتلناك فأحييتنا... يا رجل!