مشكلة وسائل التواصل أنها ترفع درجة الإثارة لدى المتابع كل يوم، وتجعله مدمنا على السعي خلف المثير والمدهش وطلب المزيد منه باستمرار، وهذا يجعله يمل من المحتوى الجاد والمفيد إذا لم يكن مثيرا ، فلا يكاد يصبر على سماع محاضرة أو قراءة كتاب أو حتى جلسة تأمل وتفكر.
ومع ارتفاع مستويات الإثارة في الصورة والموسيقى والحركة يرى كل ألوان الحياة باهتة، وكل وسائل العلم والثقافة باردة ، وكل العلاقات الإنسانية غير كافية، ويصاب بالفتور تجاه كل ما هو طبيعي ومعتدل.
وهنا يبدأ الشخص بالانسحاب التدريجي من مجالات العلم والثقافة والحياة والعلاقات وينغمس في عالم افتراضي يمده كل يوم بمستويات أعلى من الإثارة والانبهار حتى تنهار قواه العصبية والنفسية والعقلية تحت سيل الاخبار والحوادث ، والمآسي والنكات، والمضحكات والمبكيات، التي تتلاحق أمام عينيه بسرعة جنونية لا تدع له فرصة لأن يفكر أو يشعر أو يغضب أو يتعاطف أو يستقر على حال من الفرح أو الحزن أو الضحك أو البكاء.
إنه عالم من الجنون المطبق يشغلك ويلهيك ويرهقك بمتابعة حياة الاف البشر بافراحها وأحزانها ، وينسيك أن تعيش حياتك أنت.
قليل من الهدوء اخي الكريم قد يساعدك على أن تدرك شيئا من حياتك وحياة من تحب قبل أن يفوت الأوان.
د. أسامة المراكبي