سمعت خبر استشهاد قائدنا المغوار (يحيى السنوار) عليه رحمة الله، فعَلَتني والله مسحة من الكآبة والحزن، ثم ذهبتُ بعد صلاة المغرب لقراءة الخبر عيانا على الشبكة، فرأيته ببدلته العسكرية مرفوع الرأس شامخا.
وقبل أن أشرع في المقصود اعلم أخي أني ما جئت هنا لأماذق المجاهدين أو مُوَاليهم، ولا لأخبرك أني محب لأحذيتهم عاشق لخطوهم، بل مقهور من شرذمة من الناس لم يغادر الطعن أفواههم من السابع المجيد فوق قهري من أعدائنا خسفهم الله.
أتت هذه الصور خافضة لرؤوس هؤلاء، رأيناه لابسا زي الكفاح والجهاد، حاملا سلاحه، مقبلا إلى ربه غير مدبر، لا كما ظن الظانون وتحدث المرجفون.
إن شحوب وجهه ونحول بدنه يخبرك أيها الجندي أن قائدك ذاق مرارة الجوع كما ذقته لا كما أشاع المنافقون.
اليوم يوم فرح فيه أعداء الله وأعداء المؤمنين، فويل ثم ويل للفرحين!!
إن هذا الرجل قد صعدت سيرته اليوم منبر الأمة وقالت -لمن كان له قلب أو ألقى السمع- رسائل وعظات أبرزها:
- إن الله يختار لدينه رجالا صادقين يحملون همه، ويرفع بهم شأنه، ويذل بهم أعداءه، فلا تأخذنك شهواتك وملذات نفسك بعيدا عن طريق العمل لنصرة الحق وهداية الخلق.
- إن الله معل شأن هذا الدين بك أو بغيرك، فإياك إياك أن تُستبدل ولا تستعمل.
- إن أنموذج غزة الذي قدمَته حري أن يكسر أبنية اليأس التي وضعتموها أمامكم ومنعَت نفوذ مشاريعكم.
- إن القوة هي السبيل الوحيد لإذلال الطغاة وإعلاء كلمة الحق، فاخلعوا قمص العجز والضعف وقوموا للدين عاملين ساعين.
- لا تستوحش من قلة السالكين وتباطؤ العاملين وتولي المنافقين، فلئن صدقت الله في قولك ليتمن رسالتك وليعلين شأنك، وتذكر (أنت الجماعة ولو كنت وحدك).
أخيرا، تذكر أن هذا الرجل -وأمثاله- سيقف أمامه يوم القيامة الطاعنون والشاتمون واللاعنون ليأخذ حقه منهم، نسأل الله العافية.
إني لأرجو أن يصدق قول الله سبحانه وتعالى فيه { مِنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَن قَضى نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ وَما بَدَّلوا تَبديلًا }[ الأحزاب: ٢٣ ].
نسأل الله أن يتقبله شهيدا، وأن يرزقه مرافقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.