▪️ عندما صار الإمام الهادي عليه السلام إلى سر من رأى، ظهرت زينب الكذابة مدّعية أنها بنت أمير المؤمنين عليه السلام، فأحضرها المتوكل وسألها عما ادّعته، فنسبت نفسها إلى بيت النبوة عليهم السلام، حينها سأل جلساءه عن كيفية إيجاد الحقيقة، فاقترح أحدهم أن يبعث إلى ابن الرضا عليه السلام حتى يخبره ما وراء الأمر.
▪️ حين حضر الإمام الهادي عليه السلام، وسئل عن ذلك قال: "المحنة في هذا قريبة، إنّ الله تعالى حرّم لحم جميع من ولدته فاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام على السباع، فألقوها للسباع، فإن كانت صادقة لم تتعرّض لها، وإن كانت كاذبة أكلتها"، فعرض عليها فكذّبت نفسها، وركبت حمارها في سر من رأى مع جاريتها على حمار آخر، وهي تنادي على نفسها بأنها زينب الكذابة، ونفت ما ادّعته سابقًا حتى دخلت الشام.
▪️ وبعد الحادثة بأيام، ذُكر عند المتوكل أبو الحسن عليه السلام وما قاله في زينب الكذابة، حتى قال علي بن الجهم: يا أمير المؤمنين! لو جرّبت قوله على نفسه، فعرفت حقيقة قوله. فقال: أفعل. ثم أمر قوّام السباع أن يجوّعوها ثلاثة أيام ويحضروها إلى صحن القصر، ثم بعث إلى أبي الحسن عليه السلام حتى يحضر عنده، وأمره بالدخول إلى صحن القصر فدخل، ولما دخل أغلقوا الباب، فبقي الإمام عليه السلام وحيدًا مع السّباع الجائعة.
▪️ لما مشى عليه السلام مشت إليه السباع وقد سكنت، وكأن لم يسمع لها زئير قط، حتى اقتربت من الإمام ودارت حوله، وقد كان يمسح بكمّه على رؤوسها ثم ضرب بصدورها على الأرض، فتوقفت ساكنة دون أي حركة، وبقيت على هذه الحال حتى صعوده الدرجة، عندها دخل المتوكل فقام الإمام، وعند قيامه كررت السباع ما قامت به مسبقًا وهو كذلك، ثم انصرف الإمام وتبعه المتوكل.
▪️ بعدها قال علي بن الجهم للمتوكل: يا أمير المؤمنين! أنت إمام، فافعل ما فعله ابن عمك. فقال: والله! لئن بلغني ذلك من أحد من الناس لأضربنّ عنقه وعنق هذه العصابة كلهم، فوالله ما تحدثنا بذلك حتى قتل.