الوقت الذي تقضيه بعيدًا عن بناء نفسك..
علمًا وعملًا، والاهتمام بمشروعك جيدًا، لن يرفعك، تحتاج إلى التفكير ألف مرة بحلول لمواجهة المشكلة، كيف تخرج من هنا؟ أو تغيّر ما أنت فيه! ضاق صدرك وما حرَّكتَ خُطاك؟
البدء بخطوات صغيرة تأخذك لما رسمت، تنقلك لميدان العمل، اللوحة لن تكتمل وهي في عقلك فقط، تحتاج أن تمسك الريشة، وتبدأ بالخط الأول، والوقفة الأولى، ثم لا تُطل كثيرًا عند اختيار اللون، بعد البداية يتّضح المسار وتنضج الفكرة وتنبعث الهمّة.
خوفك من الخطأ، معارضة لطبيعة البشر، مَن منّا لا يخطئ!! وقوفك طويلًا على «مثالية» مشروعك، أو غايتك، سُتبقيك مكانك! تَرَدُّدك عند كل مرحلة، يمحي قليلًا من ثقتك في كل مرة، إنما إطالة النّظر في الفكرة تكون وأنت عند الحافّة، وتكون وفي الوسط وخلال السير وكل دقيقة، في الميدان، بعد صافرة البداية، حتى لا تُثقل نفسك بسؤال العجز، وتقتل فكرتك بإدمان النّظر دون خطوة.
أعلم، كلنا نَهابُ البداية، نحتاج سندًا لنا، لكن.. اعلم أن كل إنسان منشغل بغايته، أو مصيبته! مصبوبٌ في إطار اهتمامه، ولو ساعدك البعض، لن يأخذ بيدك مثلك، ولن يشعر بما فيك كأنت! وليس هذا دعوة للانفراد، بل لعدم الانقياد، أن لا تنتظر الفرصة المناسبة، والوقت المناسب، والشخص العظيم، والمساعد القائد، والأبواب المشرعة، والحياة الوردية! ابدأ بما عندك، ألست تدعو ذات الدعاء ولا تَمَلّ!
قلمك السَّيال، صوتك العذب، عِلمُك الصّلب، مهارتك العظيمة، فكرتك المميزة، مشروعك المبهر، غايتك الواضحة، وقتك المتاح، صِحّتك الجيدة، وألف نعمة بين يديك، أما آن لها من استثمار؟ أما آن للبذرة أن تُغرَسَ بعد؟ سبقك الكثير؟ ما المشكلة، أيأكل الناس من شجرةٍ واحدة؟ أتُسقى القلوب من بئرٍ واحد؟ إذًا لمات الناس من قلّة الموجود، وانعدام المُتاح.ألا ما أكثر التراكمات فيك! خَفّف قليلًا عنك، ابتعد عن كل شيء فترة، الفترة تُنبِت الفكرة، ثم انتبه لعبادتك، صلاتك، سجودك، واسأل الله أن يختار لك ثغرًا يُحبّه، ثم ابدأ بالأولويات عندك، اضبط بوصلة الهدف «الجنّة» واستثمر وقتك لها، واربط كل شيء بها، ثم حسّن نفسك.كتابك الذي بدأت به ورَمَيته، برنامجك الذي سجّلت فيه بعاطفةٍ لحظيّة، مشروعك الذي تطوّعت به ودائمًا تغيب عنه، أي ما أمر وضعت وقتك فيه واستنزفك، قتلك، أحبط نقطة الأمل المتبقيّة، وسَلَب شيئًا من مساحتك، أقلق راحتك، اتركه، ارحل عنه، غادر لأجلك.واستلم ثغرك، خُذه بقوّة، ولو كان صغيرًا، أن تشرح كتابًا لطالبٍ واحد، أن تُفعّل ثغر المواصلات، أن تصوّر مقاطع دعوية، أن تكتب الملخّصات، أن تبني إنسانًا، أن تُحيي أملًا، أن تؤلف كتابًا، أن تنتج فيلمًا، أن تخترق الإعلام هادفًا، أن تُكوّن العلماء، تدرّب النشطاء، تمهّد الطريق، تغرس الأفكار، تصنع برنامجًا مَهاريًا، تصمّم، تكتب، تصوّر، تتكلّم جيدًا، أو أن تعطي الفكرة لأهل اختصاص.
أن «تكون ظِلًّا لألف أثر».
أتعلم متى ترحل؟ متى تكون أنفاسك الأخيرة؟
على الأقل، ارحَل وأنت على الطريق ..
لا بأس، حاوِل مجدَّدًا.
- أ.قصي عاصم العسلي .