#خاطرة_الجمعة_الوليلي
العدد رقم ٤٧٥
*من خواطر الجمعة*
الجمعة ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٤م
┓━━
☘️🌹☘️━━┏
عزة النفس
┛━━
☘️🌹☘️━━┗
يقول أحد بائعي الخضار والفاكهة: قبل فترةٍ قصيرةٍ كانت سيدةٌ تأتي كل يومين تسألني عن سعر الموز فأجيبها وتمشي دون أن تشتري، فقلتُ لنفسي ذات يومٍ بعدما ذهبت لابد وأنها ليس معها المال الكافي لتشتري، ونويتُ عندما تأتي في المرة التالية أن أُعطيها كيلوين من الموز من دون أن آخذ منها ليرةً واحدةً. أتت السيدة فعلاً، وكالعادة سألتني عن سعر الموز؛ فأجبتها: "اليوم مجاناً، وهذان كيلوان هديةً مني لكِ"، رفضت ولم تأخذهم، حاولتُ معها بكل الطُرق، لكنها أصرت على الرفض وقالت إنها ليست بحاجةٍ وإن غيرها أولى منها، وشكرتني وغادرت. غابت بعدها لمدة أُسبوعٍ ثم عادت وسألتني نفس السؤال، وأجبتها، وقلتُ في نفسي بالتأكيد ستشتري هذه المرة، إلا أنها فعلت مثل ما تفعل كل مرةٍ؛ شكرتني وذهبت.
┓━━
🌴🌻🌴━━┏
*إذا لم تظهر الخاطرة كاملة*
أكمل قراءتها على هذا الرابط:
https://bit.ly/4eWjzTg
┛━━
🌴🌻🌴━━┗
هنا قررتُ أن أعرف ما هي قصة هذه السيدة؛ فقمتُ بتتبعها من بعيدٍ دون أن تشعر، رأيتها توقفت عند باب مدرسةٍ وكأنها تنتظر أحداً. خرج من المدرسة ولدٌ صغير يبدو أنه ابنها، اقتربتُ منهما مع حرصي الشديد ألا تشعر بي، سمعتُ ابنها يقول لها ما جعلني أبكي؛ سمعته يقول: "أُمي هل جلبتِ الموز الذي وعدتيني بهِ منذ أُسبوعين؟"، قالت لهُ: "ما جمعته من النقود لا يكفي يا ابني إلا حق طعامٍ؛ فإذا اشتريتُ لك الموز سينام إخوتك جائعين بلا عشاءٍ، وكل يومٍ أسأل عن سعره علَّه يكون أرخص، لكني أوعدك سأشتريه لك هذا الأسبوع، لا تقلق". هنا بكيتُ من (عزة النفس) التي أظهرتها تلك المرأة؛ لأنني عرضتُ عليها أن تأخذ الموز دون مقابلٍ لكنها رفضت، وقالت إن غيرها أحوج منها، مع أنها يبدو عليها أنها أحوجُ الناس. سألتُ عنها اتضح أن زوجها مات منذ سنواتٍ بعد مرضه، وهي تعمل لتُعيل أُسرتها. قررتُ أن أستدل على بيتها، فعلمتُ أين تُقيم، وفي كل أُسبوعٍ أضع لهم على باب بيتهم ما لذَّ وطاب من الفواكه لوجه الله تعالى، وأطمئن أنها تأخذها، وهي للآن لا تعرف من يضع لها هذه الفواكه.
لا أُخفي عليكم أنني منذ أن بدأتُ القيام بهذا العمل ورزقي يزداد وألمس الخير والبركة في عملي ولله الحمد.
أحبتي في الله.. عن (عزة النفس) يقول الله سُبحانه وتعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾، وفي معنى الآية: ﴿أُحْصِرُوا﴾ حبسهم الجهاد عن التصرف، ﴿ضَرْبًا﴾ ذهاباً وسيراً للتكسّب، ﴿التَّعَفُّفِ﴾ التّنزّه عن السؤال، ﴿بِسِيمَاهُمْ﴾ بهيأتهم الدالّة على الفاقة والحاجة، ﴿إِلْحَافًا﴾ إلحاحاً في السؤال. يقول المفسرون إن بالآية صورةً تستحثُّ المشاعر، وتُحرِّك القلوب والضمائر، لإدراك نفوسٍ عزيزةٍ كريمةٍ، تأبى الهوانَ وتأنف السؤال، مع عظم الحاجة وشدَّة الفاقة. تعفَّفَ قومٌ فأوصى الله بهم خيراً، وألحفَ آخرون فوُكِلوا إلى مسألتهم. ﴿تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ﴾ تعرف فقرهم وحاجتهم بما ترى في هيئتهم من آثارٍ تشهد بقلة ذات يدهم؛ أى بأثر الجهد من الفقر والحاجة، بصُفرة وجوههم ورثاثة ثيابهم. يظنهم الجاهل بحالهم أغنياء من أجل تعففهم عن السؤال؛ فأصحاب الأنظار التي تأخذ الأمور بمظاهرها يظنونهم أغنياء، أما أصحاب البصيرة المستنيرة، والحِس المُرهف، والفراسة الصائبة، فإنهم يُدركون ما عليه أولئك القوم من احتياجٍ، وورد في الأثر: "اتَّقُوا فِراسةَ المؤمنِ فإنه ينظرُ بنورِ اللهِ". إنهم ﴿لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً﴾؛ والإلحاف هو الإلحاح بأن لا يُفارق السائل المسئول إلا بشيءٍ يُعطاه منه.
وعن (عزة النفس) يقول النبي صلى الله عليه وسلم: [مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ]. ويقول عليه الصلاة والسلام: [إنَّ اللهَ يحبُّ الغَنيَّ الحليمَ المُتَعففَ، ويبغضُ البذيءَ الفاجرَ السَّائلَ الملحَ]. ويقول: [ما يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حتَّى يَأْتِيَ يَومَ القِيَامَةِ ليسَ في وجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ].