لي في شارع منزلنا القديم حكاية حُب، لم أبح بها لأحد...
حين كنتُ أعود من المدرسة، حاملةً حقيبتي الصغيرة، وأحلامي الكبيرة.
ما كُنت ادري ماهية هذا الشعور الذي اعتاد على دغدغة القلب، طفلةٌ لم تدركها بعد أمارات الأنوثة...
كنت في كُل أنتظر في الشجرة التي تقبع في نهاية الشارع، كنت انتظر حبيبي الذي لم يعرني اهتمامه مطلقًا، يمر بي في طريقه للمسجد لأداء فريضة الظهر، كما تمر نسمة في الهجير، أراقبه بصمت إلى أن تغيب ملامح طيفه من الطريق، أتتبع آثار اقدامه، في محاولة لتوسيع خطواتي الصغيرة، بحرصٍ طفولي صارم أن أضع قدميّ على أثره في التراب، مما يضطرني للقفز في أحيانٍ كثيرة.
أعود بعدها إلى المنزل يغمرني شعور الانتشاء.
كان ذلك اللقاء الباهت أنسًا يكفيني حتى يوم الغد.
صديقاتي يطلقن عليّ لقب (الهبلة) لعدم امتلاكي قصة حبٍ مميزة مثلهن، لم أخبرهن يومًا أن لي أنا الأخرى حكايتي الخاصة المليئة بالبراءة والحشمة.
ذات يومٍ بينما كنت في انتظاري المعهود، كنت أشغل نفسي بنشر فرع شجرة صغير بمنشارٍ حديدي وجدته مرميًا على جنب الطريق، لم أعي إلا للألم الذي يمزق يدي، بدأت الدموع تبلل خداي، وبدأ نحيبي بالعلو. حين مر حبيبي، وللمرة الأولى انتبه إليّ، يلتفت ليجد طفلة ملوثة بالدماء، تبكي وتصرخ بسخاء...
لا زلتُ أذكر كيف اقبل نحوي بمزيج من اللهفة والخوف، حينها وللمرة الأولى أصبتُ بالذعر، لا أدري كيف جال بخاطري أن أمري قد أفتضح، تركت حقيبتي وركضت الى البيت وانا أصرخ بجزع من بين الدموع: كلا لم أكن أنتظرك، أنا هنا فقط لأنني أحب أن أجلس هنا.
#الاء_مالك