صباح الخير ، ك ( محمد ياسر )
أنا لا أحب مشاركه يومياتي..
او مشاركه تفاصيل حياتي ، ولكن دعوني أن اقص عليكم قصه عنوانها الامل. ...
في أيام مضت ليست بعيده الزمن كان يسير بثقلٍ، كأن عقارب الساعة تحفر في جدار الروح. أنا في الدوام، لكن روحي غائبة، معلّقة في فراغ لا نهاية له. شعور خانق يطبق على صدري، كأن العالم بأسره يضيق عليّ.
حملت نفسي، أو ما تبقى منها، وسرت كالغريب في مدينة لا تعرفني. اخترت حديقة جانبية، مهجورة مثل أفكاري، حيث الأشجار شاهدة صامتة على كل شيء ولا شيء.
خطواتي ثقيلة، لكن بلا اتجاه. العالم من حولي كان لوحة باهتة، مسلوبة الألوان، مرسومة بالأبيض والأسود فقط. كنت كطيفٍ شفاف، أتحرك بين الناس كأنني لست موجودًا، وكأنهم هم أيضًا ظلال باهتة لا يراها أحد.
وقفت في منتصف الحديقة، لا أبحث عن شيء بعينه، فقط أُحدّق في الغيوم المتلبدة، كأنها انعكاس لما يجري داخلي.
وفجأة، من قلب المشهد الرمادي، ظهرت هي. فتاة صغيرة بشعر مضفر كأنه حكاية قديمة، واقفة على مسافة، تنظر إلي بعينين مشرقتين لم تألفهما عيناي المُرهقتان.
قبل أن أفهم وجودها، رفعت يدها الصغيرة ولوّحت لي بابتسامة نقية، كأنها وُلدت من ضوء الشمس نفسه. ابتسامتها كانت نداءً للحياة، وكفها الممدود شعاع نورٍ اخترق عالمي المظلم.
توقفت. شعرت بشيء يتحرك بداخلي، شيء كاد أن يموت منذ زمن. كيف رأتني؟ أنا الذي شعرت أنني شبح؟ كيف شعرت بي؟
ترددت للحظة، لكن يدها الصغيرة أخرجتني من صمتي. رفعت يدي ولوحت لها، وعندها... انقلب كل شيء.
كأن العالم أعاد تشكيل نفسه أمامي. الألوان بدأت تتسلل إلى كل شيء، إلى الأشجار، إلى المقاعد الخالية، وحتى إلى السماء. الأصوات التي كانت خافتة ومكتومة عادت لتهمس لي بحنان: صوت الضحكات، حفيف الأوراق، وقع خطوات بعيدة، كلها صارت أقرب، كأن الحياة قررت أن تصالحني.
وفي خضم هذا السحر، تبادر إلى ذهني سؤال ملح: كيف يمكن لطفلة صغيرة، لكف ممتد، لابتسامة عابرة، أن تعيد صياغة عالم بأكمله؟
ربما، كانت تلك الطفلة رسالة من الكون، تقول لي: حتى في أحلك اللحظات، هناك ضوء. حتى في أعماق العتمة، هناك من يبحث عنك، يرى ضعفك، ويمنحك القوة لتنهض.
ذلك الكف الصغير لم يكن مجرد تلويحة. كان إعلانًا صامتًا بأنني مرئي، بأنني موجود، وأن الحياة... تنتظرني دائمًا على الجانب الآخر من الألم.
ربما كانت تلك الطفلة وعدًا خفيًا بأن الحياة، مهما قست، تُخبئ لنا مفاجآت صغيرة تُعيد تشكيل أرواحنا. كفها الصغير كان يدًا تمتد من الغيب، تقول لي: "لا يزال فيك شيء يستحق أن يُرى، لا يزال في العالم ما يستحق أن تعيش لأجله."
وبينما عادت الطفلة إلى لعبها، عُدت أنا إلى نفسي، مدركًا أن النور قد يكون بسيطًا كابتسامة عابرة، وأن المعجزات أحيانًا تأتي في هيئة يد صغيرة تُضيء بحرًا من العتمة.💙💙💙💙💙