"إن تكلّم الناس تآلفوا، وإذا أصغوا أحبوا" الجملة دي هي المفتاح السحري للعلاقات بين الناس، لو فكرت فيها شوية، حاتلقى إن أغلب مشاكلنا الكتيرة كان ممكن تتحل لو بس عرفنا نتكلم بطريقة صح ونسمع بعض بحق وحقيقة، كتير من مشاكلنا مع القرايب، الأصحاب، وحتى الناس الغريبين، سببها واحد: يا ما بنتكلم كفاية، أو بنتكلم لكن ما بنسمع زي الناس.
تعال شوف القاضي في المحكمة، أول حاجة بعملها بيسمع للطرفين. ليه؟ لأن بدون ما يسمعهم ما حايقدر يفهم القصة كاملة، ولا حايقدر يقرر مين الغلطان ومين المظلوم، نفس الشي بيحصل معانا في حياتنا اليومية، لو شفت زول من بعيد بيعمل حاجة وما عرفت قصتها، ممكن تحكم عليه غلط وتكوّن عنه فكرة ما في محلها، لكن لو قعدت معاه وسمعت منو، فجأة الصورة بتتغير. حاتلقى عنده سبب منطقي، ولو ما اقتنعت بالسبب، على الأقل حاتفهم ليه هو عمل كده.
فكر في الجوكر في فيلم باتمان الناس كلها شافتوا شرير وكرهتوا بسبب الجرائم البيعملها، لكن لما نزل عنه فيلم بيحكي عن قصته وطفولته، الناس فجأة بدأت تتفهمه، بالرغم من عدم قبولهم لأفعاله، الحتة دي بتوضح ليك إن القصة الواحدة ممكن تتغير بالكامل لو سمعنا الطرف التاني وشوفنا جانبه.
مشاكل كتيرة في العلاقات بتبدأ من هنا ناس ما بتتكلم كفاية عشان توضح قصتها، أو لما يتكلموا، بيكون التركيز على الرد مش على الفهم. الفرق كبير بين إنك تسمع عشان تفهم وإنك تسمع عشان ترد، مرات الزول القدامك ما داير حلول، بس داير زول يسمع ليه، يفضفض، يحس إن في زول مهتم.
والعجيب إن الناس ما بتزعل من الأخطاء زي ما بتزعل من التجاهل يعني الزول الغلطان لو حس إن في زول بسمعو وبتفهمو، حايرتاح، لكن لو إتجاهلوه، ممكن يحس بالسوء وفي الجانب التاني، الزول اللي عنده حق، عناده أو تكبره ممكن يخلي الناس تبعد عنه، وتكبر المشكلة بدل ما تتحل.
الكلام هنا ما عن النقاشات الفارغة أو الصراخ العالي المقصود الكلام اللي بيفتح باب للتفاهم، والكلام اللي بيديك فرصة تشوف الأمور من زاوية تانية.
والإصغاء، يا أخوي، لازم يكون حقيقي. تسمع عشان تفهم مش عشان تجهز ردك وتدخل في جدال.
كم مرة زعلنا من زول لأننا افتكرنا إن قصده حاجة معينة، وبعد ما سمعناه، طلع قصده حاجة تانية تمامًا؟ الحاجات البسيطة دي هي اللي بتبني أو تهدم العلاقات خليك دايمًا الشخص اللي بيحاول يفهم قبل ما يحكم، وخليك الشخص البيدي الناس فرصة عشان يتكلموا ويرتاحوا.
في النهاية، العلاقات البشرية محتاجة صيانة مستمرة زي أي حاجة غالية، ما بتصمد إلا لو اعتنينا بيها والكلام والإصغاء هما أدوات الصيانة دي الحياة أبسط مما بنتخيل، لكن سرها الكبير بسيط جدًا: إتكلّموا... واصغوا.
محمد عمر
إستراحتك ملجأك