يُقال إن كل إنسان في الدنيا هو في جوهره على تماس وشيك مع كل الاضطرابات النفسية طوال حياته، حتى أكثر الناس عقلانية، ومن يتمتعون بصحة نفسية عالية، وتوازن تام، ولا يكاد أحد يشك ليس بسلامتهم فحسب، بل واحتمالية تعرضهم لأي تعب في أي يوم من الأيام. أي حتى هؤلاء، ممن يظنّهم الآخرون يتمتعون بحصانة قوية ضدّ اختلالات النفس: هم في الحقيقة ليسوا كذلك بل لا تكاد تكون احتمالية التعب على بعد قشرة منهم. والخلاصة لا أحد في مأمن تام من أي اهتزاز مهما بدا عمق رسوخه وتوازنه. وفي ذلك مدعاة للجميع بمزيد من النباهة، مزيد من العناية الدائمة بالنفس.
مرة ثالثة: لعلّ أنبل مهمة يُمكن للإنسان العمل فيها بلا توقف هي العناية الدائمة بنفسه. مهمة تبدأ مذ يعي المرء وجوده، ولا تتوقف حتى آخر نفس له في الحياة. وسط عالم مليء بالفوضى. حيث كل شيء ينهار من حولك، أو هكذا يبدو لك. عليك أن تبني حصونك الداخلية بعناية شديدة. كل يوم تضيف فكرة وتجربة ومعنى يقيك من الرياح الهابة في الخارج.