جلوسك في مواطن الفتن، ورؤيتك للمحرمات، يجعل قلبك يتشرب المعاصي، ويتقبل الذنوب، ويفقدك أعظم نعمة تعرفها؛ ألا وهي: حرارة الإيمان؛ التي تحيي قلبك بمعرفة الحلال من الحرام، فتفقد التوجس من المحرمات، ويصبح إيمانك ضعيف، وتصبح الأمور لديك عادية، بعدما كانت من الثوابت، وتسقط في الفتنة.
لا تغتر بحالك، لا تغتر بحالك، لا تغتر بحالك، إياك ذلك ثم إياك، رأيت حتى أشبعت، من كان شيئا ثم أصبح لا شيئا، من صحة إلى مرض، من غنى إلى فقر، من عقل إلى هبل، تغيرات تقف متعجبا من حدوثها، لكنها حكمة الله التي توقظ القلوب، وتحذر النفوس من الكبر والعجب والغطرسة. احذر فأنت ضعيف!
على قدر خلوتك تطمئن في جلوتك، وعلى قدر إخلاصك تزول اضطراباتك، وعلى قدر خشوعك في الصلاة تنفر محرماتك، وعلى قدر رضاك بقضاء الله وقدره تواجه ابتلاءاتك، وعلى قدر علمك تتجنب دروب المهالك! أنت نتائج خلوتك لا أحد يمدك بالقوة والثبات غير الله ثمّ جهادك ومحاولاتك؛ والأمر كله بيد الله.
حسن الظن بالله؛ بوابة الطمأنينة التي تريح الإنسان مهما ارتطم بسيل أقوى منه، وجدار أعلى منه، ولا تجد آنسا بحياته، إلا ورزق حسن الظن بالله، واليقين بوعده وفضله ومنه، وأنه إذا أعطى أفاض، وإذا وفق أفاد، فكان عطاؤه أعظم مما يتصور عقل الإنسان، وتوفيقه أجل مما يتخيل ويتمنى، ولكن الموفق قليل!
إنَّ من آثار رحمة الله بك أن يعلق قلبك بالدعاء، ويغلق دونكَ أبواب الناس حتى لا تقصد إلا بابه، وإنه ليؤخر عنك المطالب لترتاض كثرة الابتهال، واستدامة التضرع، حتى يقوى اليقين ويزداد الصبر، ويعتمد القلب في تفويضِ الأمر كله لله، فأوانُ الفرج يحين، عندما يخلص القلب للصَّمد.
نصيحة لكل فتاة: أقسم بالله من يريدك، ويسعى إلى الإرتباط بك، لا يمكن أن يفعل ما يسوؤك، ويفعل ما يقبح بك، ويصنع ما يشينك، فالذي يريدك زوجة له، ومسؤولة عن أبنائه؛ يأتيك من باب أهلك، ويتقدم إليك مثل الرجال إلى أبيك مباشرةً! ولا يلوذ بكِ كدابة امرؤ القيس: مكر مفر مقبلٌ مدبر معًا!
إلى من يعاني الألم، إلى من جرب الفرص وخابت مساعيه، إلى من يخطو ثم يخبو على منكبيه، إليك هذه الحروف: تمسك بحسن الظن بالله، واسعى بنور الأمل، ولو سدت الطرق الأولى، التزم الدعاء وكن موقنًا بالإجابة، وإياك مهما طال الطريق أن تشك بالإجابة، فإن سنة الله بعد المحنة والضيق المنحة والفرج.
أجل أسباب الانتكاسات في المنتكسين، أحذرك منها يا من تريد الثبات: - أمراض القلوب؛ كالرياء والسمعة والعُجب! - ذنوب الخلوات - التحدث في الأعراض؛ كالغيبة والنميمة والبهتان والكذب - الاستهزاء والسخرية بالمقصرين - عدم الحمد والشكر لله على نعمة الطاعة والهداية - عدم سؤال الله الثبات.
سخيّ النفس لا يَمُن، ولا يستكثر عطيته وإن كانت جزيلة، بل قد ينسى بذله للمعروف من شدة تمكن السّخاء في نفسه، فهو ينساه كما ينسى بعض الأحداث التي تمر به سواءً بسواء، ومتى رأيت صاحب المعروف يمُن؛ فاعلم أن معروفه لم يكن عن صفة راسخة؛ لأن من ضاق قلبه عن المعروف اتسع لسانه بالمنة.
الإنسان كلما أكثر من التعبُّد، قوي باطنه واشتدّ ظاهره، وأصبح قوي القلب، شديد الثبات، عزيز المبدأ، فرس العقل، لا تضره فتنة، ولا تلعب به نازلة، ولا يخاف قلبه من شياطين الأنس والجن، ووجد أنه في انشراح وسرور واستقرار نفسي، وبعيدًا عن الاضطراب والانتكاس؛ لأن بوصلة قلبه اتصلت بالإله.
تريد وصية تفيدك في حياتك، وتجد أثرها في مسيرك، وتسعد بمعرفتها، أوصيك: بكثرة ذكر الله في الليل والنهار، فوالله ما قصد أحد ذكر الله، والتزم بإذكار الصباح والمساء، واعتنى بكثرة الأذكار المنوعة؛ إلا ووجد اللذة التي تؤنسه، والراحة التي تطمئنه، حتى ليجد ذكر الله أهم من الأكل والشرب!
مَن يُحب أن يفتح الله على قلبه، وينور دربه، ويقوي بصيرته، ويزيل همه، ويبعد غمه؛ فليكُن عمله في السر أعظم من العلانية، وفي الخلوة أجلّ من الجلوة، وفي الخفاء أكثر من العلن! قال الإمام مالك: من أراد أن يفتح الله له فرجة في قلبه وصلاحًا؛ فليكن عمله بالسر أكثر منه في العلانية.
نصيحة للشباب: اليوم نحن في زمن كثرة فيه العلاقات المحرمة، والمحبة بين الجنسين الكاذبة؛ فلا تكُن في هذا الغربال معهم، واتقِ الله في بنات المسلمين، ولا تدخل في علاقة مع إحدهنَّ إلا بوصلٍ ونكاح وحفظ لمقامهنَّ. قال ابن حزم: فالكذب أصل كل فاحشة، وجامع كل سوء، وجالب لمقت الله-عز وجل-.
وامنُن عليّ براحةٍ تكفيني شر القلق، ودبّر لي قادم الأيّام، واشرح صدري لها، وآتِني من فضلك وكرمك، وكُن معي، واجعلني مطمئنًا يارب، وأسكِن فى قلبي الطمأنينة، وبشّره بما تُحبه وترضاه، وأخرجني من ضيق التّفكير لسعة التّدبير، ومن ظل الخوف إلى شروق الرَجاء.
كلما ألححت عليه كلما أحبك، كلما أكثرت سؤاله كلما قربك، كلما كررت الدعاء كنت أحرى بإجابته، أما المخلوق فإذا كررت السؤال عنده تبرم منك، وصرت عنده هينًا منبوذًا مطرودًا، ولكن الرب على العكس من ذلك تمامًا، يحب الملحين في الدعاء! قال ابن القيم: من أنفع الأدوية؛ الإلحاح في الدعاء.
من صور لُطف الله الخفي: أنَّ المضائق قد تزيد على العبد في الأزمنة الفاضلة فتضيق به الدروب ولا يجد لهُ منها مخرجًا إلا باللجوء لله، فيأتي للدُّعاء بشعور مُختلف، بقلبٍ خاضع ومُنكسر، فيُكتب له التوفيق والفتوح؛ لتعلم أنَّ البلاء وإن كان مُرًّا فهو مُبطَّن بالهِبات والعطايا.