View in Telegram
علمني صغيري دلف صغيري إلى المطبخ وقد كنت أعد طعام الغداء، وقف قليلاً ينظر بين الأواني ليكتشف ما غداؤنا اليوم، ثم اكتشفه. رفع نظره عن الأواني متفحصاً وجهي، وقد بدا عليه أنه يفكر بأمر ما، لم يلبث إلا قليلاً حتى قال: أتعجب منك يا أمي، تقضين كل تلك الساعات لإعداد تلك الوجبة التي لا تحبينها ولا تأكلينها، لماذا تكلفين نفسك كل ذلك العناء؟ قلت له: ولما العجب؟ هذا أبوك يذهب كل يوم إلى عمله وهو لا يحب أن يتعب، فقط لأجلنا، وكذلك طبع كل إنسان أن يخلد للراحة لكن الضرورات لها رأي آخر. قال: نعم، لكن الأمر هنا مختلف قليلاً، بإمكانك طهو طعام آخر تحبينه وتأكلين منه، بدلاً عن ذلك الذي يأخذ منك جهداً ولا يعود عليك بنفع. قلت: حساباتك خاطئة قليلاً، من ناحية النفع، فنحن لا نحسب النفع بمجرد انتفاع دنيوي زائل؛ بل النفع الحقيقي في الاحتساب ثم الأجر الذي نظن بالكريم أن يجازينا به سبحانه وتعالى، فلعل هذا الجهد في تلك الأكلة التي لا أفضلها هو ما يدخلني الجنة بفضل الله الكريم سبحانه. ولكن هناك جانب آخر لعلك لا تدركه، هو المحبة، فعندما يحب إنسان إنساناً آخر؛ فهو تلقائياً يحب ما يسعده ويفعل ما يرضيه، حتى لو كان هذا الشيء لا يعود عليه بالنفع المباشر، ولو كان هذا الشيء مغرماً عليه؛ لكن مجرد رؤية فرحة أحبابه تكون هي المكسب المثالي، وأنا أحبكم لذلك يسعدني أن أطهو لكم ما تحبون حتى وإن لم أحبه. تهللت أسارير صغيري بهذا التصريح الواضح بالمحبة، فهذا هو طبع الإنسان، يفرح بكلمات صاقة تخرج من القلب لتسكن سويداء القلب. أكملت حديثي قائلة: لذلك؛ فالفعل هو أصدق وأقوى دليل على المحبة، فإن أردت معرفة مدى حبك لله عز وجل؛ فانظر مدى امتثالك لأوامره، وإن أردت معرفة مدى محبتك للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فانظر مدى اتباعك لنهجه وسنته، وإن أردت معرفة مدى حبك للقرآن؛ فانظر إلى مدى قيامك بحروفه وحدوده، أما الكلام يا صغيري؛ فالجميع يحسنه، والعمل هو ميدان الصدق وساحته وهو الفيصل بين الصدق والادعاء. فإن المحب لمن يحب مطيع. تخيل أن أحدنا يتغنى ليل نهار بحب الله عز وجل ونبيه، ثم إن حان العمل؛ يطيع الشيطان ويقدم أوامره، فتجده لا يصلي ولا يصوم ويكذب ويسرق، فهذا مشكوك في محبته. لذلك؛ اجعل هذا مقياسك يا حبيبي، كلما أطعت الله عز وجل، فهذا دليل على صدق محبتك له سبحانه وتعالى وهذا ما يستوجب لك محبته سبحانه وبحمده، كما أخبرنا "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه"، أي شرف بعد هذا يا حبيبي، إياك أن تفرط فيه يوماً. أنهيت حديثي وقد رأيت تلك اللمعة التي أحب في عيون صغيري حينما نتحدث عن الله عز وجل، وعلمت أن الكلام وقع موقعه بإذن الله الرزاق، فسكت. بقلم: سنا برق ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ ٢٤ تشرين الثاني ٢٠٢٤ م #أسنة_الضياء @AsennatAdiyaa
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Find friends or serious relationships easily