أبو ذؤيب الهذلي خويلد بن خالد، أدرك الجاهلية وأسلم فحسن إسلامه ومات في غَزَاة إفريقية. كان شاعراً فحلاً لا غميزة فيه ولا وهن؛ قال حسَّان -رضي الله عنه- أشعرُ الناس حيًّاً هُذيل، وأشعرهم غير مدافع أبو ذؤيب، وكان له أولادٌ سبعة فماتوا كلُّهم في عامٍ واحدة إلا واحداً، فقال يرثِيهم:
أَمِنَ الْمَنُونِ وَرَيْبِهَا تَتَوَجَّعُ
وَالدَّهْرُ ليس بِمُعْتِبٍ من يجزعُ
قالت أُمَيْمَةُ ما لِجِسْمِكَ شَاحِباً
منذُ ابْتُذِلْتَ ومِثلُ مَالِكَ ينفعُ
فَأَجَبْتُهَا أَنْ مَا لِجِسْمِيَ أَنَّهُ
أَوْدَى بَنِيَّ مِنَ الْبِلاَدِ فَوَدَّعُوا
أَوْدَى بَنِيَّ وَأَعْقَبُونِي حَسْرةً
بَعْدَ الرُّقَادِ وَعَبْرةً لاَ تُقْلِعُ
فَبَقِيتُ بَعْدَهُمُ بِعَيْشٍ نَاصِبٍ
وَإِخَالُ أَنِّيَ لاَحِقٌ مُسْتَتْبَع
ُ
وقال في الطِّفل الذي بقي له:
وَالنَّفْسُ رَاغِبَةٌ إِذَا رَغَّبْتَهَا
وَإِذَا تُرَدُّ إِلَى قَلِيلٍ تَقْنَعُ
وهذا البيت الأخير قد بلغ الغاية في المبنى والمعنى. قال أبو العَيْناء: سمعت الأصمعي يقول: هو أصدقُ بيتٍ قالته العرب. وقال أبو عمرو بن العلاء: ما قالت العرب بيتاً أبدعُ منه.