وفي الخارج جيش مجهز بترسانة أسلحة ضخمة لم يجرؤ جنوده على الدخول بعد، فيرسلون طائرة استطلاعية لتفحص المكان، ليستنهض الفارس ما تبقى لديه من قوة ويقذف طائرتهم بتلك العصا المتناثرة من ركام المبنى، لكأنه يجسد قول درويش:
سقطت ذراعك فالتقطها... واضرب عدوك لا مفر
وسقطتُ قربك، فالتقطني...
واضرب عدوك بي فأنت الآن حر
يلقون عليه القذائف، ليرتقي شهيدًا بعد أن أسقط زيف أسطورتهم وكشف وهنهم. يقترب منه الجنود بخطى خائفة، يتلمسونه بأيادٍ مرتعشة، يتفحصون وجهه، أسنانه، فلا يصدقون. إنه جثة هامدة، لا يملك سوى بندقية، وبلا أي تحصين، فما سر قوة هذا الرجل؟ ولم يعلموا أنه يمتلك قوة العدالة وهي القوة التي لم ولن يمتلكونها يومًا. لا يمكن لأكبر ترسانة أسلحة في العالم أن تعطي اللص قوة وثقة صاحب الحق.
إن اللصوص وإن كانوا جبابرة
لهم قلوبًا من الأطفال تنهزمُ.
يأخذون جثة الرجل معهم، وهم يظنون أنهم قد قضوا على المقاومة بالقضاء عليه. لم يتعلموا من حقائق التاريخ وتجارب الشعوب إن المقاومة فكرة والفكرة لا تموت. أغرتهم جثته الهامدة بين أيديهم، وظنوا أن القضية قد انتهت، ولو أنهم أصغوا قليلًا لسمعوا روحه الحائمة حولهم تهتف: "فوجودي ليس يخشى عدمي"
#عاهد_الزبادي