اعلم أن الله جبل على فطرة سوية مهيئة لقبول الحق بمجرد عرضه وطرحه، وأن كل ما يعاكس ذلك من الإعتقادات الباطلة منافٍ لهذه الفطرة. ولذلك تجد عبارات السلف في الإنكار على المخالف العقدي شديدة لوضوح بطلان ما هو عليه ومخالفته للفطرة السوية. وهذا عام في أي دين آخر من ملل الكفر أو من الفرق المبتدعة المنتسبة للملة المخالفة في أي شيء من أصول الدين.
ولما نفت الفلاسفة والمتكلمون ومن تأثر بهم هذه المعارف الفطرية إذ لا يعتبرونها شيئًا أصلًا، وذهبوا إلى النظر الجدلي لتحصيل المعارف، صاروا يرون أي مخالف لهم خلافه معتبر. ولا ننكر عليه - بناءً على أصلهم بنفي المعارف الفطرية - لأنه نظر - النظر على إصطلاحهم طبعآ وليس النظر الصحيح - ودقق ووصل لهذا، ولو كان معتقده ظاهر بطلانه من مجرد طرحه. ولو كان يؤمن بالممتنعات ما دام مخالفًا إذًا، لا ننكر من المؤكد أن لديه أسبابه متجاهلين أنه قد يكون اعتقده عن هوى أو لطمع دنيوي أو منصب إلخ..
ومن هنا تسربت فكرة التمييع العقدي وتطورت هذه الفكرة حتى صاروا يقولون بنسبية المعرفة وأنه لا حق مطلق والكل على صواب. فانظر إلى ما أدى إليه ذلك الأصل، ومازلنا نرى آثاره حتى اليوم على بعض من ينتسب للإسلام والسنة. ولله المشتكى.