View in Telegram
⤴️ يسرى وما ادراك ما يسرى..نسيم الحياة العابر..وعبق الفؤاد الحنون..احتوتني كطفلٍ يبحث عن يدين تنتشله من وحل دنسه!! ..استكانت لها نفسي.. وخضعت لها قوتي..حتى ما إنْ قاومت بصفحات الماضي ..إذْ بجناح رحمتها يظلني ويهيم بي وأجدني محلقاً معها..أحببت بيتي بوجودها.. وأَلِفتُ محادثتها كل مساء..واستأنست بمجالستها كل حين.. أعادتني لداري بعد وحشة غياب ...برحاب حنانها الذي ملأ أرجاء البيت.. كنت انتظر ذكرى مرور عام على زواجي بها لكن شاء القدر يكون ذكرى زواجنا يوم رحيلها!! استودعك الله يا يسرى فالفراق موجع والوداع لم يكن يوما في مخيلتي أن يكون بهذه المفاجأة وبهذه المأساة، لكن عزائي أن ربي اختارك لجواره وأحسن بك إذ قادتك أقداره لتأتي من أقصى الغرب ليكون ثراك ومثواك الطاهر في مكة أحب مدينة عندك! ويصلي عليك الملايين في فجر يوم الجمعة الثالث من محرم فشتان بين جوار الرحمن وجواري! أتذكر تلك اللحظة المؤلمة وأنا انفضُ يديَّ من تراب قبرك إذ عدت ثقيلا منكسراً لا أملك إلا دمعةً لا أستطيع إبرازها وزفرةً لا أستطيع إطلاقها ، وكأن الله كتب لي في لَوْح مقاديره هذا البلاء في أمرك، فرزقني بك ثم استلبكِ مني و أراد أن يتمم قضاءه بأن أعود لدارٍ ليس فيها ظل خطاك ولا محيا جبينك!! لن أنسى يا يسرى رؤياكِ على سرير المرض حتى كدت أن أجزع ، وحينما خفت عليكِ الموت ضاقت بي الأرض بما رحبت ، لأول مرة أشعر أن الموت يطرق باب بيتي ولايستأذن في اختياره ، فكانت نظراتي لك في سريرك نظرات وداع أخيرة وأن الأمر ليس تشخيص طبيب ولا انتظار دواء وإنما قدر نافذ.. فحينما خاطبتكِ ولم تجيبي علمت أني ثَكِلتُك فأعود إلى داري وتمنعني وحشة فقدك أن أرمي جسدي المنهك على فراش كنّا نضحك ونتسامر عليه قبلُ بأيام ، لن أنسى تلك الليلة التي قضيتها في مطرحي كجثة هامدة أتذكر بوضوحٍ ذلِك الشعور الذي نهش جوفي ، أتذكرُ مرارته ووطأته على صدري ، ويكابدني من حينها الوجع ما أكابد فأقوم ملتجئاً إلى مولاي ادعوه أن يخفف وطأة ووحشة هذا الوداع المرير ! ما أتعس وجهَ الحياة من بعدك يا سندي! وما أشدَّ ظلمةَ البيت الذي أسكنه بعد فراقك إيَّاه! فلقد كنتِ شمسًا مشرقةً تضيء لي كلَّ شيءٍ فيه ،أما اليوم فلا ترى عيني مما حولي أكثر مما ترى عينُ سائر في ليل بهيم !! وكما قال الأول "لقد طال عليَّ الليل حتى مللتُه، ولكنني لا اسأل الله أن ينفرج لي سواده عن بياض النهار؛ لأن الفجيعة التي فُجِعْتُها بكِ لم تبق بين جنبيَّ بقيةً أقوى بها على رؤية أثرٍ من آثار حياتك..فيا لله لِقلبٍ قد لاقى فوق ما تُلاقي القلوب، واحتمل فوق ما تحتمل من فوادح الخطوب!" لقد كان حظي من هذه الدنيا أن لا يتزحزح لي شقاء وغثاء في طريقي ووجهتي ، فما كنت أجد مرارة فقدك لو لم أذق حلاوة قربك ، فقد كان لا بد أن تجري فيَّ سُنَّةَ البلاء التي يجريها الله بين عباده, فلما استوت زهرة حياتي معك على سوقها واستطعمتُ من ثمارها ، انتزعك مني الموت كما تُنتزع الكأس الباردة من يد الظامئ العطشان! لكن أحسب أنّ الله اصطفاك من عباده الصالحين والله حسيبك، وقد وجدت لكِ وأنا أسلو بمصابي فيكِ أبواباً عديدة طرقتيها ووصلتي بها جنات النعيم وأرجو أنك نلت شرفها وحظيتِ بها ، فرضا زوجك أولها وأنا راضٍ عنك تمام الرضا وقد وعدكِ رسول الله ﷺ بقوله (أيُّما امرأةٍ ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة) ومنها طلبك للعلم وانقطاعك إليه وقد قال ﷺ(( من سَلَكَ طَريقا يَبْتَغي فيه عِلْما سَهَّل الله له طريقا إلى الجنة)) ومنها تقواك وحسن اخلاقك التي يشهد بها من عرفك وقد قال ﷺ(( أكثر ما يدخل الناس الجنة التقوى وحسن الخلق ..)) ومنها صلاتك في وقتها وصيامك وعفتك وحياءك وطاعتك لزوجك وقد قال ﷺ (( إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحصنت فرجها ، وأطاعت زوجها ، قيل لها: أدخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت )) وعلم من صاحبك ولازمك نشأتك منذ الصغر في عبادة الله إلى يوم قبضك ورحيلك ولم تكملي سبعاً وعشرين ربيعاً وهذا وعد من رب العالمين في محكم التنزيل بأنك على خير ولاخوف عليك إذ يقول الله عز وجل ((إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون . أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاءا بما كانوا يعملون )) وإنّ من جبر المصاب وسلوة الخاطر ما أرجوه وادعو الله به بأن أكون ممن قال الله فيهم ( الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ* ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ) فلا لمثلي عملٌ منجي، إلا أني أحتسبك شهيدة في مولودك الأول فتشفعي لمن كنتِ له ملء السمعِ والبصر ! يقيني يا يسرى أن يديّك التي كنت تدفع بها عني وحشة الدنيا ستدخلني إلى جنة الخلد، ولم يبق إلى ذلك إلا انتظار الموت، واحسب أنه أمرّ من الموت لولا شوقٌ إلى الله يهونه عليّ ! فالله اسأل أن يجبرني فيك ويجمعني بك في الفردوس الأعلى من الجنة .والحمدلله أولا وأخيرا. صباح عاشوراء 10/1/1445 بندر بن عبدالله الثبيتي
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Find friends or serious relationships easily