إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ ( 26 )
إن الله تعالى لا يستحيي من الحق أن يذكر شيئًا ما, قلَّ أو كثر, ولو كان تمثيلا بأصغر شيء, كالبعوضة والذباب ونحو ذلك, مما ضربه الله مثلا لِعَجْز كل ما يُعْبَد من دون الله. فأما المؤمنون فيعلمون حكمة الله في التمثيل بالصغير والكبير من خلقه, وأما الكفار فَيَسْخرون ويقولون: ما مراد الله مِن ضَرْب المثل بهذه الحشرات الحقيرة؟ ويجيبهم الله بأن المراد هو الاختبار, وتمييز المؤمن من الكافر; لذلك يصرف الله بهذا المثل ناسًا كثيرين عن الحق لسخريتهم منه, ويوفق به غيرهم إلى مزيد من الإيمان والهداية. والله تعالى لا يظلم أحدًا; لأنه لا يَصْرِف عن الحق إلا الخارجين عن طاعته.
الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ( 27 )
الذين ينكثون عهد الله الذي أخذه عليهم بالتوحيد والطاعة, وقد أكَّده بإرسال الرسل, وإنزال الكتب, ويخالفون دين الله كقطع الأرحام ونشر الفساد في الأرض, أولئك هم الخاسرون في الدنيا والآخرة.
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( 28 )
كيف تنكرون - أيُّها المشركون- وحدانية الله تعالى, وتشركون به غيره في العبادة مع البرهان القاطع عليها في أنفسكم؟ فلقد كنتم أمواتًا فأوجدكم ونفخ فيكم الحياة, ثم يميتكم بعد انقضاء آجالكم التي حددها لكم, ثم يعيدكم أحياء يوم البعث, ثم إليه ترجعون للحساب والجزاء.
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ( 29 )
اللهُ وحده الذي خَلَق لأجلكم كل ما في الأرض من النِّعم التي تنتفعون بها, ثم قصد إلى خلق السموات, فسوَّاهنَّ سبع سموات, وهو بكل شيء عليم. فعِلْمُه - سبحانه- محيط بجميع ما خلق.
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ( 30 )
واذكر - أيها الرسول- للناس حين قال ربك للملائكة: إني جاعل في الأرض قومًا يخلف بعضهم بعضًا لعمارتها. قالت: يا ربَّنا علِّمْنا وأَرْشِدْنا ما الحكمة في خلق هؤلاء, مع أنَّ من شأنهم الإفساد في الأرض واراقة الدماء ظلما وعدوانًا ونحن طوع أمرك, ننزِّهك التنزيه اللائق بحمدك وجلالك، ونمجِّدك بكل صفات الكمال والجلال؟ قال الله لهم: إني أعلم ما لا تعلمون من الحكمة البالغة في خلقهم.
#التفسير_الميسر_سورة_البقرة
https://t.center/AltafsierQuran