فها أنا ، بعد سباتي الأبكم صحوت صحوة الأطرش . لا أسمع ولا باستطاعتي التكلم . عدى خريفي فقد تساقطت أوراقي وما آن للربيع أن يحل . باتت أغصاني الرقيقة في لقاء حار مع الشمس حتى يبست وبانت تجاعيدها . يوما بعد يوم وقرنا بعد قرن ، لاوجود لأي تفاصيل اخرى عداها . أغدو في عتمتي لست وحيدا لكن نسخي المتهالكة تئن وتدفعني كي أجد النور فلا ألمح له طرفا أو نورا . بات كل شيء صعبا حتى الكتابة ، ماكنت اخطه في اربع صفحات تقلص الى اربع سطور ، أترحلين أيتها الكتابة؟ كنت دائما حاضرة كالشهر والسنة ، مذ نعومة شبابي وأنا أحنو لحضنك الوهمي فأرتاح وأتهالك كأني عديت مئتين كيلومترا . لكن لا بأس ، كما قرأت في رواية أجنبية لبطلة علت أيامها بالحلكة ، لكنها دائما تقول: فقط تابع السباحة . كل الأيام الثقيلة ستمضي وكل اللحظات السعيدة ستخلد ، ولا أدري بأي زاوية قد أكون .
وشعرت بخنجر الغربة يعميني وأنا في عقر الوطن ! فكرت كثيرا إلى أن بلغت مني الهلوسات مبلغ الواقع فغرقت في دجى عميق ، أناظر شمس الفجر فلا أجد غير العتمة ، وأشباح التيه تراقصني بابتسامة وملامح ممحاة ، نظرت الى انعكاسي في المرآة ففزعت ، اين انا ؟ ماكل هذا الظلام هل قطع الكهرباء؟ لم يحدث شيء ، فقط أصبحت والليل أخلاء ، ننزوي في أحضاننا الممزقة فتلهفنا قسوة البرد ، نبحث في أفئدتنا عن شرارة متوقدة فلا نجد إلا البراكين وهي تقهقه انتصارا بعد ان احرقت فتيل الأمل الذي أسعدني منذ أسابيع وجيزة تعد على الأصابع . فها أنا أعود بعد كل هزيمة لأعتذر من الحروف على أبد غيبتي المعتقدة ، لأذرف عبرات الروح ، لأواسيني ، لأجد مكان أنزوي إليه وقت جنازتي فأرثيني في بضع أسطر أضع فيها أقنعة على الحقيقة لتروقني بحلتها الأنيقة ، فلطالما أحببت التأنق حتى في الكتابة . 🖤❤️🩹 _ نوسه _